الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم
{ويحرّم عليهم الخبائث} قيل: المحرمات، وقيل: ما تستخبثه العرب كالعقرب والحية والحشرات، وقيل: الدم والميتة ولحم الخنزير، وعن ابن عباس ما في سورة المائدة إلى قوله: {ذلكم فسق}.{ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم}.قرأ طلحة ويذهب عنهم {إصرهم} وتقدم تفسير الإصر في آخر سورة البقرة، وفسره هنا قتادة وابن جبير ومجاهد والضحاك والحسن وغيرهم بالثقل، وقرأ ابن عامر: آصارهم جمع إصر، وقرئ {أصرهم} بفتح الهمزة وبضمها فمن جمع فباعتبار متعلّقات الإصر إذ هي كثيرة ومن وحد فلأنه اسم جنس، {والأغلال} مثل لما كلفوا من الأمور الصعبة كقطع موضع النجاسة من الجلد والثوب وإحراق الغنائم والقصاص حتمًا من القاتل عمدًا كان أو خطأ وترك الاشتغال يوم السبت وتحريم العروق في اللحم وعن عطاء: أنّ بني إسرائيل كانوا إذا قاموا إلى الصلاة لبسوا المسوح وغلوا أيديهم إلى أعناقهم وربما ثقب الرجل ترقوته وجعل فيها طرف السلسلة وأوثقها إلى السارية يحبس نفسه على العبادة، وروي أن موسى عليه السلام رأى يوم السبت رجلًا يحمل قصبًا فضرب عنقه وهذا المثل كما قالوا جعلت هذا طوقًا في عنقك وقالوا طوقها طوق الحمامة، وقال الهذلي:
وليس ثمّ سلاسل وإنما أراد أنّ الإسلام ألزمه أمورًا لم يكن ملتزمًا لها قبل ذلك كما قال الإيمان قيد الفتك، وقال ابن زيدًا الأغلال يريد في قوله: {غلت أيديهم} فمن آمن زالت عنه الدعوة وتغليلها.{فالذين آمنوا به وعزّروه ونصروه واتبعوا النور الذي أنزل معه أولئك هم المفلحون}.{وعزّروه} أثنوا عليه ومدحوه.قال الزمخشري: منعوه حتى لا يقوى عليه عدوّ، وقرأ الجحدري وقتادة وسليمان التيمي وعيسى بالتخفيف، وقرأ جعفر بن محمد وعزّزوه بزايين و{النور} القرآن قاله قتادة، وقال ابن عطية: هو كناية عن جملة الشريعة.وقيل مع بمعنى عليه أي الذي أنزل عليه.وقيل هو على حذف مضاف أي أنزل مع نبوته لأن استنباءه كان مصحوبًا بالقرآن مشفوعًا به وعلى هذين القولين يكون العامل في الظرف {أنزل} ويجوز عندي أن كون معه ظرفًا في موضع الحال فالعامل فيه محذوف تقديره أنزل كائنًا معه وهي حال مقدّرة كقوله مررت برجل معه صقر صائدًا به غدا فحالة الإنزال لم يكن معه لكنه صار معه بعد كما إنّ الصيد لم يكن وقت المرور، وقال الزمخشر: ويجوز أن يعلّق باتبعوا أي {واتبعوا} القرآن المنزل مع اتباع النبي صلى الله عليه وسلم والعمل بسنته وبما أمر به أي واتبعوا القرآن كما اتبعه مصاحبين له في اتباعه وفي قوله؟ {فالذين آمنوا به} إلى آخره إشارة إلى من آمن من أعيان بني إسرائيل بالرسول كعبد الله بن سلام وغيره من أهل الكتابين. اهـ.
|